قارة إفريقيا
قارة إفريقية قديمة جداً كانت تؤلف قلب قارة بنغاية التي تجزأت إلى قارات أصغر قبل نحو 200 مليون سنة. وهي من أقدم مواطن الإنسان الأول. إذ تتفق الآراء على أن ظهور الإنسان كان في إفريقية الشرقية، ونشأته فيها ترجع إلى نحو ثلاثة ملايين أو خمسة ملايين سنة، ويعود قيام أقدم حضارة كبرى في القارة إلى نحو 6000 سنة على ضفاف نهر النيل الأدنى ومنه إلى أعاليه في مملكة كوش. وإفريقية ثاني أكبر القارات مساحة بعد آسيا وترتبط بها ببرزخ السويس الذي شقت قناته سنة 1869م. أما عن اسمها فالآراء فيه متضاربة، فمن قائل إنها أخذت اسمها من أفريقس بن أبرهة ملك اليمن، إلى رأي يرى أنه مشتق من فَرَق، لأن تونس الحالية التي كانت تعرف بإفريقية، تفصل بين المغرب ومصر. أما تسمية أوبريكا Oprica اللاتينية فتعني الحار أو المشمس، ويرى بعضهم أنها اسم القارة الأصلي. وهناك اشتقاقات وتفسيرات أخرى في مؤلفات البكري والمسعودي والمقريزي وابن الشَبَّاط، بعضها أسطوري لا سند له. والمرجح اليوم أن التسمية مشتقة من «آفري»، اسم السكان القدماء لتونس الشمالية، ومنه «آفريكا» أي بلاد الآفري باللاتينية. وكان العرب المسلمون يقصدون بـ «إفريقية» مدينة قرطاج (قرطاجة) وضواحيها أو تونس الشمالية. وهناك من كان يرى إطلاق تسمية إفريقيِّة (بالتشديد) على القارة كلها، ومن دون تشديد على الأجزاء العربية ـ الإسلامية منها، أي على إفريقية شمال الصحراء الكبرى في القرون الوسطى. وبسبب غلبة العنصر الأسود، وكونها مصدر الرقيق في عصر الاستعمار الأوربي، عرفت إفريقية باسم «القارة السوداء» في الأوساط والمصادر الاستعمارية. وتمتاز إفريقية بأنها مركز ثقل العرب والمسلمين. ففيها أكثر من ثلثي العرب في العالم، كما كانت ممراً سلكه الإسلام والعرب إلى أوربة عن طريق شبه جزيرة إيبرية (أبارية) وجزيرة صقلية وجزر البحر المتوسط الأخرى، ونقلوا إليها أسس الحضارة والمعرفة مباشرة أو بطريق غير مباشرة.
الأوضاع الجغرافية الطبيعية
ويشمل البحث هنا النواحي التالية:
الموقع والأبعاد: تعد إفريقية إحدى قارات النصف الجنوبي للكرة الأرضية هي وأمريكة الجنوبية وأسترالية مع أن أكثر من نصف مساحتها يقع شمال خط الاستواء. وتقع إفريقية بين العروض الجغرافية 37 درجة و20 دقيقة شمالاً و34 درجة و31 دقيقة جنوباً، أي إن خط الاستواء يكاد يقسمها قسمين متساويين ومتناظرين تقريباً في الامتداد مما جعل منها قارة استوائية ـ مدارية وشبه مدارية يقطعها مدار السرطان في الشمال ومدار الجدي في الجنوب، وتتناظر فيها النطاقات المناخية والنباتية تقريباً مع تباين مساحاتها على جانبي خط الاستواء، إذ إن إفريقية شماله أوسع مساحة من إفريقية جنوبه. أما الأطوال الجغرافية، فتقع القارة بين خطي الطول 17 درجة و33 دقيقة غرباً و51 درجة و23 دقيقة شرقاً، ويمر خط طول غرينتش في جزئها الغربي.
تمتد إفريقية مسافة نحو 8000كم بين رأس أغولهاس (الإبرة) Cap Agulhas في أقصى الجنوب في جمهورية جنوب إفريقية [ر]، وقرب الرأس الأبيض في أقصى الشمال في تونس، وعلى مسافة تزيد على 7600كم من الرأس الأخضر في أقصى الغرب في السنغال، حتى رأس حافون في أقصى الشرق في الصومال من دون أخذ الجزر بالحسبان، وتبلغ مساحتها نحو 30302000كم2 أي ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة أوربة، تحيط بها مياه البحار والمحيطات من جميع أطرافها. إذ تشرف على مياه المحيط الأطلسي في الغرب، وعلى مياه البحر المتوسط في الشمال، ومياه البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي في الشرق، وتلتقي مياه المحيطين الهندي والأطلسي في جنوب القارة حيث تتدبب نهايتها عند رأس الرجاء الصالح متوغلة جنوباً باتجاه مياه البحر (المحيط) المتجمد الجنوبي والقارة القطبية الجنوبية.
تعد إفريقية جزيرة ـ قارّة يفصلها عن أوربة مضيق جبل طارق (الزقاق) وعرضه 14كم، وممر صقلية وعرضه 140كم، وعن قارة آسيا قناة السويس وممر باب المندب وعرضه 28كم.
يختلف الشكل العام لإفريقية شمال خط العرض 5 درجات (شمالاً) وجنوبه، إذ تمتد القارة شمال الخط المذكور من الشرق نحو الغرب مسايرة للعروض الجغرافية مؤلفة كتلة أرضية عرضها المتوسط 3300كم (من الشمال نحو الجنوب) وامتدادها الشرقي ـ الغربي المتوسط يزيد على 7000كم. أما جنوب خط العرض المذكور فتمتد إفريقية من الشمال نحو الجنوب على شكل مثلث ضخم قاعدته في الشمال ورأسه في الجنوب وارتفاعه يزيد على 4400كم.
السواحل والجزر: يقدر طول سواحل إفريقية بنحو 30000كم، أطولها سواحل المحيط الأطلسي. وهي قارة ذات سواحل قصيرة قياساً على مساحتها، وبالموازنة مع القارات الأخرى، مثل أوربة الأصغر مساحة والأطول سواحلَ، وسبب ذلك أن سواحل إفريقية قليلة الخلجان المتعمقة في البر والرؤوس البارزة المتوغلة في البحر، كما تنعدم فيها أشباه الجزر الطويلة والبحار الهامشية الضيقة، وتقل على امتدادها التعاريج. الأمر الذي أدى إلى انخفاض نسبة
السواحل إلى مساحة القارة إلى نحو 0.001كم لكل كيلو متر مربع واحد، إذ لا يصيب كل كيلومتر واحد من السواحل
أكثر من 1010كم2 من المساحة، ويؤثر ذلك كله في الملاحة، ومصادر الثروة والحركة البحريتين على السواحل
الإفريقية. ومن ناحية أخرى فإن معظم السواحل صخرية ذات جروف تنتهي في البحر مباشرة ولاسيما في الشمال والجنوب، أو إنها سواحل سهلية واطئة ودلتات نهرية عند مصبات الأنهار الكبرى مثل أنهار النيل والنيجر وغيرهما، أو إنها سواحل تتصل بالكثبان والأغشية الرملية للصحارى في غربي القارة في موريتانية وناميبية. وتحيط بأجزاء من سواحل العروض المدارية والاستوائية أشرطة من أشجار القرم (المانغروف). والمستنقعات الضحلة والوحلية، كما تكونت أمام أجزاء منها أرصفة وشعاب مرجانية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تتبع إفريقية مجموعة من الجزر المنفردة والأرخبيلات، بعضها قريب جداً من الساحل وبعضها الآخر بعيد عنه، بل وموغل في البعد في مياه المحيطين الأطلسي والهندي، أهمها جزيرة مدغسكر (مدغشقر[ر]) وتقع شرق القارة. ومن جزر شرق القارة وأرخبيلاتها جزر البحر الأحمر قبالة الساحل المصري ثم أرخبيل سواكن قبالة الساحل السوداني وأرخبيل دَهْلَك وحنيش أمام الساحل اليمني ثم جزيرة بريم في ممر باب المندب. ومعظم هذه الجزر من أصل مرجاني وصخري وغير مأهولة غالباً. وتظهر مجموعة من الجزر على امتداد نهاية القرن الإفريقي شرق رأس حافون أهمها جزيرة سُقطرى وعبد الكوري، ثم جزر بمبة وزنجبار ومافية أمام السواحل التنزانية، وأرخبيلات جزر سيشل والقُمر شمال وشمال غربي مدغسكر ثم أرخبيل جزر مسكارِن وأهم جزره موريشيوس وريئونيون ورُدريغِس، وجميعها في مياه المحيط الهندي شرق مدغسكر. وهناك جزيرة برنس إدوارد ومجموعة جزر كروزيت في المحيط الهندي الجنوبي. أما في الغرب، في مياه المحيط الأطلسي، فتبرز أرخبيلات جزر آصور وجزر ماديرا والكناري (الخالدات) والرأس الأخضر (كاب فِردِه) ثم جزر بيساغوس مقابل ساحل غينية بيساو، ثم جزر بيوكو وبرنسيب وساوتومه في خليج غينية، وغير ذلك من جزر صغيرة قريبة من الساحل، وجزر أخرى بعيدة عنه مثل جزيرة أسنسيون وسانت هِلينة في أواسط المحيط الأطلسي الجنوبي. أما في الشمال فتقل الجزر المهمة على البحر المتوسط، وأبرزها جزيرة جربة وقرقنه أمام الساحل التونسي، وما عداهما فهي جزر صخرية أو صخرات تعلو سطح البحر صغيرة المساحة وغير مأهولة يطرقها صيادو الأسماك.
إن جزر إفريقية، باستثناء جزيرة مدغسكر التي تعد واحدة من أكبر جزر العالم (مساحتها 587041كم2)، هي جزر صغيرة المساحات نسبياً، وذات أهمية متفاوتة اقتصادياً وسكانياً واستراتيجياً.
التضاريس والجيولوجية: تضاريس إفريقية انعكاس واضح للحركات البنائية (التكتونية) والوحدات الجيولوجية التي تعرضت لعمليات الرفع والخفض في الحقب الجيولوجية المختلفة.
ألفت إفريقية منذ نحو 160 مليون سنة مضت جزءاً من قارة غوندوانة التي كانت نواة ركيزة قديمة جداً تعرف بالمجن قبل الكامبري، الذي تكوَّن بين 570 مليون وأربعة مليارات سنة مضت، وكانت هذه الركيزة متصلة بأمريكة الجنوبية وشبه الجزيرة العربية وشبه جزيرة الدكن وقارة القطب الجنوبي وأسترالية وانفصل بعضها عن بعضها الآخر وتجزأت صفائح بنائية، منها الصفيحة الإفريقية، التي تتألف ركيزتها من صخور بلورية صلبة قديمة ومتحولة ونارية من الغرانيت والشيست وغيرها من صخور ماقبل الكامبري. ويرجع تكون معظم أنحاء إفريقية إلى هذا الحقب، أي قبل 570 مليون سنة وأكثر، باستثناء شريط جبال الأطلس، وأقصى جنوبي إفريقية، التي تكونت أجزاؤها منذ 240 مليون سنة حتى الحقب الرابع الراهن. كذلك تكوّن شريط غربي إفريقية الممتد من جبال الأطلس حتى غينية بيساو في الحقب الجيولوجي الأول بين 240- 570 مليون سنة مضت.
تعرض سطح إفريقية منذ ظهورها وتكوينها إلى عمليات الحت والتعرية والنقل والترسيب التي أثرت في صخورها القاعدية في الركيزة، مما أدى إلى إزالة المرتفعات والجبال العالية الأولى وخفضها، وردم المنخفضات والأحواض والأودية وطمرها بالرسوبات المنقولة إليها. وبتضافر هذه العمليات الجيومورفولوجية في الحقب الجيولوجي ماقبل الكامبري مع نتائج الحركات البنائية الخافضة والرافعة والمزيحة للصخور والوحدات التضريسية، تكونت تضاريس إفريقية في الأصقاع التي بقيت مكشوفة من دون أن تطغى عليها بحار الحقب الجيولوجية المتأخرة.
استمرت أعمال استكمال بناء إفريقية منذ الحقب الجيولوجي الأول حتى اليوم؛ فتعرضت بقاع هامشية كثيرة من القارة لطغيان مياه بحار حقب وعصور جيولوجية نتيجة حركات كونت مقعرات أرضية، امتلأت برسوبيات بحرية متباينة الثخانة. ففي الشمال نشأ مقعر أرضي في الحقب الجيولوجي الأول، امتلأ ببحر التيتس، سلف البحر المتوسط الراهن، تراكمت فيه رسوبيات خضعت لحركات نهوض والتواءات في الحقب الثالث ظهرت على أثرها جبال الأطلس. كذلك طغت مياه البحار من الحقب الأول وامتدت من الشمال حتى خليج غينية ثم حتى جنوبي إفريقية، كما طغت على أجزاء من الهوامش الشرقية للقارة. أما في العصر الجوراسي فقد توضعت رسوبيات بحرية في الصحراء الغربية والسنغال وعلى سواحل المحيط الهندي. ومثلها الترسبات الكريتاسية التي تظهر على سواحل إفريقية كلها كما تظهر في الصحراء الكبرى، وهي من أصل بحري، وعرفت القارة في الحقب الثالث حدثين جيولوجيين أرضيين بارزين هما نهوض شمالي إفريقية، وتصدع شرقيها، إذ فَصَل الانهدام السوري ـ الإفريقي شبه الجزيرة العربية عن إفريقية فنشأ البحر الأحمر، كما نشأت الأغوار العميقة على امتداد شرقي القارة، بطول يقرب من 6000كم بين الزامبيزي في الجنوب وغور العمق [ر. اسكندرونة] في أقصى شمال غربي سورية، رافق ذلك حدوث الانفجارات البركانية على خطوط الضعف في القشرة الأرضية في الحقبين الثالث والرابع، ونتج عن ذلك تكون براكين ضخمة وعالية مثل جبل كينية (5195م) وكليمنجارو (5895م) وغيرهما.
يعد سطح إفريقية هضبة واسعة جداً تتباين ارتفاعاتها من مكان إلى آخر، ويبلغ المتوسط العام لارتفاعها فوق سطح البحر 750م، وأعلى نقطة فيها هي قمة جبل كليمنجارو، وأخفض أجزائها هو مستوى بحيرة العسل في جيبوتي (-156م دون مستوى سطح البحر). وتبرز فوق السطح الهضبي العام للقارة جبال ومرتفعات تؤلف سلاسل متصلة، أو ترتفع على هيئة كتل جبلية منعزلة، وبالمقابل ينخفض السطح في أجزاء أخرى مؤلفاً عدداً من الأحواض المغلقة الواسعة أو تشغلها شبكات أنهار تنتهي إلى المحيطات أو البحار. ويبين التوزيع العام للتضاريس أن شرقي وجنوب شرقي القارة أعلى بكثير من أجزائها الغربية والشمالية الغربية اوجيهئة. باستثناء جبال الأطلس التي ترتفع على الهامش الشمالي الغربي لإفريقية، حيث تنتهي عند أقدام سلسلة الأطلس الصحراوي منبسطات الصحراء الكبرى وفيافيها الشاسعة. كذلك تعلو سطح الأجزاء المنخفضة من القارة كتل جبلية عالية ومنعزلة كالجزر أبرزها جبال الحجّار (الهُقار) وجبال تيبستي، أو ظهرات محدبة واسعة كالظهرة الليبية الفاصلة بين حوض نهر النيل وحوض بحيرة تشاد والأنهار الصابة فيها، وكذلك الظهرة الغينية العليا التي ترتفع جنوب الصحراء الكبرى التي تمتد من أقصى غربي القارة حتى وادي النيل في الشرق، وتلي هذه الظهرة، باتجاه الشرق، كتلة جبال الكَمِرون وأدَمان التي تلتحم في الشرق بظهرة أخرى هي نجد «أساندة» الذي تسير على قممه خطوط تقسيم المياه الفاصلة بين حوض نهر الكونغو في الجنوب وحوض تشاد في الشمال وقسم كبير من حوض نهر النيل في الشمال الشرقي. وعلى العموم يدخل في مفهوم «إفريقية المنخفضة» (متوسط ارتفاعها فوق سطح البحر نحو 500م) جميع الوحدات التضريسية الواقعة إلى غرب وشمال وشمال غرب خط يبدأ من ساحل البحر الأحمر قرب سواكن (السودان) ويساير حدود إثيوبية مع السودان ثم يطوق حوض نهر الكونغو من الشرق والجنوب لينتهي قرب مصبه في المحيط الأطلسي.
تقسم إفريقية المنخفضة إلى عدد من الأقاليم الجغرافية الطبيعية تظهر فيها بقاع تعلو فوق المعدل العام للتضاريس أو تنخفض دونه وهي:
آ- إقليم الأطلس [ر]، وهو سلاسل جبلية متجاورة، التوائية البنية ذات صخور رسوبية يغلب عليها الكلس في أغلب الأنحاء، يسودها محور جنوبي غربي شمالي شرقي وأعلى قمة فيها ترقى إلى 4165م في جبل طوبقال في المغرب، وتقدر مساحته بنحو 750000كم2.
ب- إقليم الصحراء الكبرى، ويعرف باسم «الصحراء» Sahara لدى الأجانب، وهو أكبر أقاليم إفريقية مساحة (نحو تسعة ملايين كم2)، يمتد من سواحل المحيط الأطلسي حتى سواحل البحر الأحمر ومن سواحل البحر المتوسط وجبال الأطلس الصحراوي في الشمال حتى إقليم السودان (الإقليم السوداني) في الجنوب، ويقسم إلى ثلاث مناطق جغرافية طبيعية هي: الصحراء الغربية والصحراء الوسطى وتضم ثلاث وحدات تضريسية هي منخفض شط الجريد الواقع دون المستوى العام للإقليم، ودون مستوى سطح البحر في أخفض أجزائه (-26م) في سبخة أو شط الملغير. ثم وحدة جبال الحجّار (وتلفظ أحَجار أيضاً). وهي كتلة جبلية كبيرة وقديمة يرجع تكوينها إلى ماقبل الكامبري فيها جزر بركانية واندفاعية، صخورها عارية وعرة شديدة انحدار الجوانب أثرت في رسمها العمليات الجيومورفولوجية الريحية في الشروط الصحراوية القاسية. تزيد ارتفاعاتها على 3000م (3003م في قمة تاحات)، تحيط بها هضاب وعرة ذات جوانب جرفية. أما الوحدة الثالثة فهي كتلة جبال تيبستي الواقعة شمالي تشاد ولها امتدادات جنوبي ليبية، وهي جبال وعرة وقاسية المظاهر والسطح تتألف من قاعدة قبل كامبرية واندفاعات بركانية حديثة خلفت وراءها مخاريط وفوهات بركانية ضخمة كجبل إيمي ـ كوسي (3415م) وتوسيدِه (3265م) وعدداً من الكالديرات الكبيرة، وهي فوهات بركانية خاسفة أو مخربة بانفجارات تالية، أقطارها كبيرة قد تزيد على 10كم.
أما المنطقة الجغرافية الطبيعية الثالثة فهي الصحراء الشرقية وتضم ثلاث وحدات هي: وحدة تضريسية تلية ـ جبلية هي برقة على ساحل البحر المتوسط، ثم وحدة شريط جبال البحر الأحمر (المعروف بالصحراء العربية أيضاً)، وهي مرتفعات منخفضة عامة ترقى إلى 2187م في جبل الشايب. وهاتان الوحدتان تعلوان سطح الصحراء المنبسط والمتموج في حين تنخفض الوحدة الثالثة وهي وادي النيل، دون المستوى العام للصحراء الشرقية. ومن تضاريس هذه المنطقة هضبة العوينات وجبلها ومنخفض القطارة الواقع دون مستوى سطح البحر (-133م).
إقليم الصحراء الكبرى هو، باستثناء الوحدات التضريسية المذكورة، هضاب واطئة منبسطة نسبياً تتخللها أحواض منخفضة شاسعة المساحة أو صغيرة تتوضع في قيعانها سبخات أو بحيرات قديمة جفت. والمظهر الغالب هو انتشار الأغشية والكثبان الرملية المكونة للصحارى الرملية، إضافة إلى الصحارى الحجرية من نموذج الحماد، والسطوح البنيوية والصخرية التي كشفتها الرياح وعرّتها. ويراوح الارتفاع المتوسط لأكثر من ثلاثة أرباع الإقليم بين 200- 500م فوق سطح البحر.
جـ- إقليم السودان: وهو غير دولة السودان. وتصح تسميته بإقليم بلاد السودان كما ورد في بعض كتب الجغرافية العربية. وهو شريط أرضي عرضه نحو 1000كم وطوله نحو 5500كم يمتد من سواحل المحيط الأطلسي غرباً حتى الأقدام الغربية لهضبة الحبشة شرقاً، وبين شريط إقليم الصحراء الكبرى شمالاً وخليج غينية ومرتفعات الكَمِرون ونجد أساندة جنوباً. ارتفاعه المتوسط نحو 300- 400م فوق سطح البحر. ويضم خمس مناطق جغرافية طبيعية هي: منطقة سهول ومنخفضات السنغال ـ غامبية في أقصى الغرب. ثم منطقة حوض النيجر وتتألف من الحوض نفسه ومن نطاق فيضانات نهر النيجر، ومن الظهرة الغينية الشمالية. ويساير منطقة حوض النيجر من الجنوب منطقة غينية الشمالية المطلة على خليج غينية بسفوح الظهرة الغينية التي تنتهي بسهل ساحلي يمتد على طول الخليج ويبرز فيه لسان دلتا نهر النيجر في الشرق. أما المنطقة الرابعة فتحتل قلب إفريقية ويشغلها حوض تشاد وتحمل اسمه. وهو حوض مغلق عديم التصريف (أي ليس لمياهه تصريف إلى البحار)، تحيط به مرتفعات تيبستي من الشمال ومرتفعات دارفور من الشرق ونجد «أساندة» من الجنوب وهضبة جوس من الغرب. أما أخفض أجزاء هذه المنطقة فتشغلها بحيرة تشاد التي تتعرض مساحتها وسواحلها للتذبذب والتغير، وتقع على ارتفاع 240م فوق سطح البحر. وينتهي إقليم السودان في الشرق بمنطقة حوض النيل الأعلى وتقع بأكملها في جمهورية السودان، حيث يخترقها نهر النيل وروافده الكثيرة، وتميزها مساحة واسعة من المستنقعات والمياه المحجوزة بالنباتات تعرف باسم السُد. تنبسط على جانبي نهر النيل جنوب مدينة مَلَكال.
د- إقليم الكونغو: وتقدر مساحته بنحو 3.750.000كم2 يقع جنوب إقليم السودان، تحده مياه خليج غينية والمحيط الأطلسي في الغرب، ونطاق النجود والأغوار التابع للانهدام السوري ـ الإفريقي وبحيراته في الشرق، ثم إقليم إفريقية الجنوبية العالية في الجنوب. ويضم إقليم الكونغو منطقتين هما منطقة الظهرة الغينية الجنوبية ومرتفعات الكَمِرون، وتمتد من الشمال إلى الجنوب على شكل شريط ساحلي. ثم منطقة حوض الكونغو في الداخل شرق الشريط الساحلي، وهي أوسع مساحة وأقل ارتفاعاً يخترقها نهر الكونغو وروافده الكثيرة على ارتفاعات متوسطة نحو 400م فوق سطح البحر. وتجدر الإشارة إلى أن معظم صخور هذا الحوض رسوبية من أصل قاري ترجع في أغلبها إلى الحقبين الرابع والثاني ثم الثالث بحسب تسلسل مساحات انتشارها، مما يدل على قدم وجود هذا الحوض، وعدم طغيان مياه البحار عليه منذ عصور جيولوجية طويلة.
إلى الجنوب والشرق من إفريقية المنخفضة وأقاليمها الأربعة ترتفع هضاب وجبال كثيرة لأعلى من 1000م فوق سطح البحر، تؤلف إفريقية العالية التي تضم إقليمين جغرافيين طبيعيين هما:
آ- إقليم إفريقية الجنوبية العالية: ويغطي مساحة تقدر بنحو 5500000كم2 ويحتل السدس الجنوبي من القارة. يحده من الشمال إقليم الكونغو ومن الشمال الشرقي إقليم إفريقية الشرقية العالية. أما باقي الحدود فترسمها سواحل الإقليم على المحيط الهندي والمحيط الأطلسي.
يقسم الإقليم إلى ثماني مناطق أبرزها منطقة ظهرة لواندة في الشمال، وتفصل هذه الظهرة بين حوضي نهر الكونغو ونهر الزامبيزي، وتؤلف جسراً تضريسياً عالياً (أكثر من 1200م) يمتد من الغرب نحو الشرق وترتفع نهايتها الغربية في جبل موكو (2610م) وهضبة بيه ِ في أنغولة، ونهايتها الشرقية في سلسلة جبال ميتومبة (1889م). في حين تنخفض أجزاؤها الوسطى لأقل من 1500م.
تحتل وسط هذا الإقليم منطقة منخفضة ارتفاعها دون 1000م فوق سطح البحرهي منطقة حوض كَلَهاري. وهو حوض صحراوي مغلق يقع قاعه على ارتفاع 974م، وترتفع جوانبه في جميع الاتجاهات. وتحيط بمنطقة كلهاري من جهة الغرب منطقة مرتفعات جنوب غربي إفريقية وساحلها المؤلف من صحراء ناميبية الرملية، حيث يعلو جبل أواس المطل على مدينة ويندهوك حتى 2484م. وتمتد المنطقة الأخيرة على طول ساحل المحيط الأطلسي بعرض متوسط يصل إلى 350كم، وتلتحم في الجنوب بمنطقة الكاب، أصغر مناطق الإقليم مساحة وأبعدها توغلاً باتجاه الجنوب من إفريقية. وتتألف من عدد من السلاسل المتوازية الممتدة من الغرب نحو الشرق ذات البنية الإلتوائية من النموذج الهرسيني الغالب. أعلى قممها في جبل هِكس رِفير (2251م).
أما في الشرق فيتألف الإقليم من منطقة الفِلد العليا التي تتممها في الشمال الشرقي منطقة مرتفعات زمبابوي (روديسية سابقاً). ويسايرهما على امتداد الساحل شريطان هما منطقة جبال دراكن. ومنطقة منخفض حوضي نهري الزامبيزي وليمبوبو. وتصل أعلى نقاط هذه المناطق إلى 3482م في قمة تابانا نتِلنيانة في جبال دراكن، في حين تقع ارتفاعات المنخفض السهلي على علو 150م وسطياً فوق سطح البحر.
ب) إقليم إفريقية الشرقية العالية: ويحتل الجزء المتبقي من إفريقية ويشرف على البحر الأحمر وخليج عدن ومياه المحيط الهندي في الشرق، أما في الغرب فتحده أقاليم السودان والكونغو وإفريقية الجنوبية العالية، ويعد هذا الإقليم أعلى أجزاء القارة. إذ يزيد معدل الارتفاع العام على 1000م، وفي القسم الشمالي منه يزيد على 2000م، وفيه أعلى القمم في القارة. وبالمقابل يضم قوساً أخدودياً منخفضاً يساير حدوده الغربية ويتفق مع الانهدام السوري ـ الإفريقي، تحتله بحيرات ملاوي (نياسا سابقاً) الواقعة على ارتفاع 474م فوق سطح البحر وعمقها 695م، وتانغنيكة (ارتفاعها 772م وعمقها 1470م) وألبرت (ارتفاعها 619 وعمقها 16م) ثم بحيرة فكتورية (ارتفاعها 1133 وعمقها 80م) وهي خارج القوس الانهدامي، كذلك توجد في هذا الإقليم أخفض نقاط القارة كما تقدم. وتتألف بنيته من صخور الركيزة ماقبل الكامبرية في الجنوب والوسط والصخور الاندفاعية والبركانية الرباعية في الشمال، أما في القرن الإفريقي فمعظم الصخور رسوبية من الحقب الثاني والثالث والرابع. ويتألف الإقليم من عدد من المناطق الجغرافية الطبيعية هي: هضبة الحبشة فالقرن الإفريقي (شبه جزيرة الصومال) في الشمال، ثم منطقة قوس النجود والأغوار الانهدامية وتعرف بالنجد الإفريقي المركزي، فحوض أوغندة ـ فكتورية فظهرة إفريقية الشرقية.
تضاريس إفريقية الحالية هي نتاج تضافر أعمال وعمليات باطنية (داخلية) وأخرى خارجية تمت في العصور الجيولوجية الطويلة من عمر القارة. أسهمت فيها الأحوال المناخية التي وجدت فيها القارة إسهاماً كبيراً ولا سيما الشروط المناخية الاستوائية ـ المدارية وشبه المدارية التي غلبت عليها في العصور الجيولوجية المتأخرة عندما استقرت القارة في موقعها الجغرافي الراهن. ويلاحظ في العمليات الجيومورفولوجية الغالبة أن أسلوب الحت الخطي المتعمق وحفر الأودية ضئيل إذا ما قورن بأسلوب الحت الانتشاري والتعرية المساحية الغالبة في معظم أنحاء قارة إفريقية. إضافة إلى نشاط العمل الريحي حتاً ونقلاً وترسيباً إذ تطغى المساحات المغطاة بالرواسب الريحية الرباعية وكذلك المساحات الصخرية التي عرتها الرياح على أكثر من ثلاثة أرباع سطح القارة.
أما خارج حدود القارة وسواحلها فتوجد جزيرة مدغسكر التي تؤلف إقليماً مستقلاً.
الثلاثاء أكتوبر 09, 2018 10:18 am من طرف خالد
» إعداد رسالة الدكتوراه من البداية حتى نيل الدرجة
الثلاثاء أكتوبر 09, 2018 10:14 am من طرف خالد
» اريد مخطط مدينة مصراتة
الثلاثاء أبريل 10, 2018 6:38 pm من طرف سنيمار احمد
» رسالة دكتوراه بعنوان ميناء طرابلس (ليبيا) دراسة في جغرافية النقل
الثلاثاء يناير 10, 2017 10:19 pm من طرف مول البال
» تعريف الجيومورفولوجيا
الإثنين يونيو 27, 2016 12:56 am من طرف خالد
» صفات الباحث واسس اختيار موضوع البحث
السبت أبريل 09, 2016 7:27 pm من طرف خالد
» الأطلس التعليمي لمرحلة التعليم الاساسي - ليبيا
السبت أبريل 09, 2016 7:25 pm من طرف خالد
» عناوين رسائل الماجستير الجغرافيا المسجلة في الجامعات الليبية حتى شهر12سنة2009م- جغرافية ليبيا.
الثلاثاء مارس 29, 2016 9:10 pm من طرف مول البال
» المساعدة في إعداد رسائل الماجستير والدكتوراة والبحوث العلمية
الخميس مارس 17, 2016 12:57 am من طرف ايثران
» رسالة ماجستير التحليل المكاني و الوظيفي للخدمات التعليمية في مدينة سوران بأستخدام نظم المعلومات الجغرافية ـ جامعة صلاح الدين
الخميس مارس 17, 2016 12:52 am من طرف ايثران
» كتاب جغرافية النقل د. محمد رياض
الأحد مارس 06, 2016 10:53 pm من طرف مول البال
» ليبيا تطور المدن و التخطيط الحضري-- علي الميلودي عمورة
السبت ديسمبر 12, 2015 2:06 pm من طرف خالد